قال الحسن البصري: لما حضرت أبا بكر الوفاة قال: انظروا كم أنفقت من مال الله عز وجل؟ فوجدوه قد أنفق في سنتين ونصف ثمانمائة ألف درهم.
قال: اقضوه عني، فقضوه عنه، ثم قال: يا معشر المسلمين، إنه قد حضر من قضاء الله عز وجل ما ترون، ولا بد لكم من رجل يلي أمركم ويصلي بكم ويقاتل عدوكم، فإن شئتم اجتمعتم وائتمرتم، وإن شئتم اجتهد لكم رأيي.
لأنه يعلم أنه سيسأل عند ربه من استخلف على المسلمين؟ وذلك إن اختيار من يكون أهلاً لإحقاق الحق من الشرع بمكان، وهي مسئولية لابد أن يعد الجواب عنها أمام الله جل في علاه.
والإنسان يظهر عندما تأتي الحقائق، والناس يعرفون في المواقف، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: (وأسألك كلمة الحق في الغضب والرضا) وأبو بكر وضع في مكانة عظيمة، وقد علم أنه سيقبل على ربه، وأنه سيسأل من ولى على المسلمين؟ ثم قال: وإن شئتم اجتهدت لكم رأيي، فو الله الذي لا إله إلا هو لا آلوكم -يعني: لا أقصر في النفع والنصح لكم- ونفسي خيراً، فبكوا وقالوا: أنت خيرنا وأعلمنا -وحق لهم أن يقولوا ذلك- فاختر لنا، فقال: إني قد اخترت لكم عمر رضي الله عنه وأرضاه، فلما قال ذلك -كما في بعض الروايات التي ذكرها أهل السير-: ضج الناس وقالوا: يا أبا بكر ماذا ستفعل عند ربك عندما تضع علينا هذا الشديد؟! يعني: كانوا يخافون من شدة عمر.