محمد بن الحنفية هو أحد التابعين، وهو ابن سيدنا علي رضي الله عنه وأرضاه من أمته التي كان يطؤها من غير نكاح، قال محمد بن الحنفية: قلت لأبي: أي الناس خير بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: أبو بكر.
قلت: ثم من؟ قال: عمر.
وخشيت أن يقول: عثمان، فقلت: ثم أنت؟ قال: ما أنا إلا رجل من المسلمين.
وقد دب الخلاف بين فقهاء التابعين وأهل السنة والجماعة هل الأفضل عثمان أم علي؟ فالأحناف والثوري كانوا يقدمون علياً على عثمان وكذلك الإمام الشوكاني علامة اليمن، وهو والصنعاني كانا زيدية، وكانا يقدمان علياً على عثمان، والصحيح الراجح هو ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية: وأجمعت كلمة الأمة بعد هذا الخلاف على أن الترتيب في الأفضلية هو ترتيب الخلافة: أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي رضي الله عنهم أجمعين.
وحدث أنس: (أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد أحداً وأبو بكر وعمر وعثمان، فرجف بهم، فقال: اثبت أحد فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان) ويقصد بالصديق أبا بكر رضي الله عنه وأرضاه، فمكانة الصديقية مكانة رفيعة نالها هو، والنبي صلى الله عليه وسلم قد بين أن الشهيد في قبره لا يسأل، مع أنه قد جاءت نصوص عامة تدل على أنه ما من أحد إلا سيسأل، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (تفتنون في قبوركم قريباً من فتنة الدجال)، ولكن جاء التخصيص لهذا العموم للشهيد بأنه لا يسأل، ولذلك سأل الصحابة النبي صلى الله عليه وسلم: (لم لا يسأل؟ قال: كفى ببارقة السيوف فتنة).
ثم إن العلماء اختلفوا، هل الصديق ممن يسأل أو لا؟ فقال العلماء: إن قلنا بقياس الأولى والقياس الجلي فسنقول: لا يسأل؛ لأن السؤال في القبر مفاده اختبار لصدق العبد، فالشهيد الذي باع نفسه صادقاً لله قد أظهر صدقه في الدنيا، والصديق أقوى صدقاً من الشهيد، فقالوا: إذاً: الصديق لا يسأل في قبره، لكنا لا نأخذ بهذا القول، فالمسألة توقيفية، وإن كنا نقول: إن الصديق شهيد بل فوق الشهيد بمرحلتين ومرتبتين، لكنه يسأل في قبره، والله أعلم.