يَنْبع من شقورة وَعَلِيهِ من والبساتين المتهدلة الاغصان والنواعير المطربة الالحان والاطيار المغردة والازهار المتنضدة مَا قد سَمِعت وَهِي من أَكثر الْبِلَاد فواكه وريحانا وَأَهْلهَا أَكثر النَّاس راحات وفرجا لكَون خَارِجهَا معينا على ذَلِك بِحسن منظره وَهِي بَلْدَة تجهز مِنْهَا الْعَرُوس الَّتِي تنتخب شورتها لَا تفْتَقر فِي شَيْء من ذَلِك إِلَى سواهَا وَهِي للمرية ومالقة فِي صَنْعَة الوشي ثَالِثَة وَقد أختصت بالبسط التنتلية الَّتِي تسفر لبلاد الْمشرق وبالحصر الَّتِي تغلف بهَا الْحِيطَان المبهجة لِلْبَصَرِ إِلَى غير ذَلِك مِمَّا يطول ذكره وَلم تخل من عُلَمَاء وشعراء وابطال
وَأما بلنسية فَإِنَّهَا لِكَثْرَة بساتينها تعرف بمطيب الأندلس ورصافتها من احسن متفرجات الأَرْض وفيهَا الْبحيرَة الْمَشْهُورَة الْكَثِيرَة الضَّوْء والرونق وَيُقَال أَنه لمواجهة الشَّمْس لتِلْك الْبحيرَة يكثر ضوء بلنسية إِذْ هِيَ مَوْصُوفَة بذلك وَمِمَّا خصت بِهِ النسيج البلنسي الَّذِي يسفر لاقطار الْمغرب وَلم تخل من عُلَمَاء وَلَا شعراء وَلَا فرسَان يكابدون مضايقة الْأَعْدَاء ويتجرعون فِيهَا النعماء ممزوجة بالضراء وَأَهْلهَا اصلح النَّاس مذهبا وامتنهم دينا واحسنهم صُحْبَة وارفقهم بالغريب
وَأما جَزِيرَة ميورقة فَمن أخصب بِلَاد الله تَعَالَى ارجاء وأكثرها زرعا وَرِزْقًا وماشية وَهِي على انقطاعها من الْبِلَاد مستغنية عَنْهَا يصل فَاضل خَيرهَا إِلَى غَيرهَا إِذْ فِيهَا من الحضارة والتمكن والتمصر وَعظم الْبَادِيَة مَا يغنيها وفيهَا من الْفَوَائِد مَا فِيهَا وَلها فضلاء وابطال اقتصروا على حمايتها من الْأَعْدَاء المحدقة بهَا
(من كل من جعل الحسام خَلِيله ... لَا يَبْتَغِي ابدا سواهُ معينا) هَذَا زَان الله تَعَالَى فضلك بالإنصاف وَشرف كرمك بالإعتراف