الفرسان على مائَة الف والرجالة على سِتّمائَة الف وَبهَا حَتَّى الان من صَنَادِيد الْمُسلمين وقوادهم من لَا يفتر عَن محاربه وَلَا يمل من مُضَارَبَة من اسماؤهم بأقاصي بِلَاد النَّصَارَى مَشْهُورَة وآثارهم فِيهَا ماثورة وَقُلُوبهمْ على الْبعد بخوفهم معمورة
ويحكى ان الْعِمَارَة فِي مباني قرطبة والزاهرة والزهراء اتَّصَلت إِلَى ان كَانَ يمشى فِيهَا بضوء السرج الْمُتَّصِلَة عشرَة أَمْيَال وَأما جَامعهَا الْأَعْظَم فقد سَمِعت ان ثرياته من نواقيس النَّصَارَى وَأَن الزِّيَادَة الَّتِي زَاد فِي بنائِهِ ابْن أبي عَامر من تُرَاب نَقله النَّصَارَى على رؤوسهم مِمَّا هدم من كنائس بِلَادهمْ وَقد سَمِعت أيضاعن قنطرتها الْعُظْمَى وَكَثْرَة ارحي واديها يُقَال أَنَّهَا تنيف عَن خَمْسَة آلَاف حجر وَقد سَمِعت عَن كنبانيتها وَمَا فضل الله تَعَالَى بِهِ تربها من بركَة وَمَا ينْبت فِيهَا من الْقَمْح وطيبه وفيهَا جبال الْورْد الَّذِي بلغ الرّبع مِنْهُ مَرَّات إِلَى ربع دِرْهَم وَصَارَ اصحابه يرَوْنَ الْفضل لمن قطف بِيَدِهِ مَا يمنحونه مِنْهُ ونهرها ان صغر عِنْدهَا عَن عظمه عِنْد اشبيلية فَإِن لتقارب بريه هُنَالك انس وتقطع غدره ومروجه معنى آخر وحلاوة أُخْرَى وَزِيَادَة انس وَكَثْرَة امان من الْغَرق وَفِي جوانبه من الْبَسَاتِين والمروج مَا زَاده نضارة وبهجة
وَأما جيان فَأَنَّهَا لبلاد الأندلس قلعة إِذْ هِيَ أَكْثَرهَا زرعا واصرمها ابطالا واعظمها مَنْعَة وَكم رامتها عَسَاكِر النَّصَارَى عِنْد فترات الْفِتَن فرأوها ابعد من العيوق واعز منالا من بيض الأنوق وَلَا خلت من عُلَمَاء وَلَا من شعراء وَيُقَال لَهَا جيان الْحَرِير لِكَثْرَة اغتناء باديتها وحاضرتها بدود الْحَرِير
وَمِمَّا يعد من مفاخرها مَا ببياسة أحدى بِلَاد اعمالها من الزَّعْفَرَان