وَهل مِنْكُم من هجا من غير النُّطْق بإقذاع فَبلغ مَا لم يبلغهُ المقذع وَهُوَ المَخْزُومِي فِي قَوْله ... يود عِيسَى نزُول عِيسَى ... عساه من دائه يرِيح ... وَمَوْضِع الدَّاء مِنْهُ عُضْو ... لَا يرتضي مَسّه الْمَسِيح ...
وَهل مِنْكُم من مدح بِمَعْنى فَبلغ بِهِ النِّهَايَة من الْمَدْح ثمَّ نَقله إِلَى الهجاء فَبلغ بِهِ النِّهَايَة من الذَّم وَهِي اليكي فِي قَوْله مادحا ... قوم لَهُم شرف الْعلَا فِي حمير ... وَإِذا انتموا لمتونة فهم هم ... لما حووا احراز كل فَضِيلَة ... غلب الْحيَاء عَلَيْهِم فتلثموا ...
وَهل مِنْكُم من هجا اشْتَرِ الْعين بِمثل قَول أبي الْعَبَّاس بن حنون الإشبيلي ... يَا طلعة ابدت قبائح جمة ... فَالْكل مِنْهَا ان نظرت قَبِيح ... ابعينك الشتراء عين ثرة ... مِنْهَا ترقرق دمعها المسفوح ... شترت فَقُلْنَا زورق فِي لجة ... مَالَتْ بِإِحْدَى دفتيه الرّيح ... وكانما انسأنها ملاحها ... قد خَافَ غرق فظل يميح ...