وَقد تنأول هَذَا الْمَعْنى ابْن أبي ربيعَة على عظم قدره وتقدمه فعارض الصهيل بالنهاق وقابل العذب بالزعاق فَقَالَ وليته سكت
(ونفضت عني الْعين أَقبلت مشْيَة الْحباب ... وركني خيفة الْقَوْم ازور)
وَأَنا اقْسمْ لَو زار جمل محبوبة لَهُ لَكَانَ ألطف فِي الزِّيَارَة من هَذَا الْأَزْوَر الرُّكْن المنفض للعيون لكنه ان اساء هُنَا فقد احسن فِي قَوْله
(قَالَت لقد اعييتنا حجَّة ... فأت إِذا مَا هجع الساهر)
(واسقط علينا كسقوط الندى ... لَيْلَة لَا ناه وَلَا زاجر)
وَللَّه در مُحَمَّد بن سفر أحد شعرائنا المتآخرين عصرا الْمُتَقَدِّمين قدرا حَيْثُ نقل السَّعْي إِلَى محبوبته فَقَالَ وليته لم يزل يَقُول مثل هَذَا فبمثله يَنْبَغِي ان يتَكَلَّم وَمثله يَلِيق ان يدون
(وواعدتها وَالشَّمْس تجنح للنوى ... بزورتها شمسا وَبدر الدجى يسري)
(فَجَاءَت كَمَا يمشي سنى الصُّبْح فِي الدجى ... وطورا كَمَا مر النسيم على النَّهر)
(فعطرت الْآفَاق حَولي فاشعرت ... بمقدمها وَالْعرْف يشْعر بالزهر)
(فتابعت بالتقبيل آثَار سعيها ... كَمَا يتقصى قارىء احرف السطر)
(فَبت بهَا وَاللَّيْل قد نَام والهوى ... تنبه بَين الْغُصْن والحقف والبدر)
(اعانقها طورا والثم تَارَة ... إِلَى ان دعتنا للنوى راية الْفجْر)
(ففضت عقودا للتعانق بَيْننَا ... فيا لَيْلَة الْقدر اتركي سَاعَة النَّفر)
وَهل مِنْكُم من قيد بِالْإِحْسَانِ فَأطلق لِسَانه الشُّكْر فَقَالَ وَهُوَ ابْن اللبانة
(بنفسي واهلي جيرة مَا استعنتهم ... على الدَّهْر إِلَّا وانثنيت معانا)