من أَحْوَاله مُنْذُ تجمل صدر الْخلَافَة بجماله من إفَاضَة الْخيرَات والعطف على الرعايا وذوى الْحَاجَات وَقطع العمارات الَّتِي كَانَت الْعَادة جَارِيَة بالمواظبة عَلَيْهَا كل ذَلِك اضرابا عَن عمَارَة الدُّنْيَا واكبابا على مَا ظهر من عمَارَة الدّين هَذَا مَعَ مَا ظهر من سيرته فِي خَاصَّة حَالَته من لبس الثِّيَاب الخشنة وَاجْتنَاب الترفه والدعة والمواظبة على الْعِبَادَات ومهاجرة الشَّهَوَات وَاللَّذَّات استحقارا لزخارف الدُّنْيَا وتوقيا من ورطات الْهوى والتفاتا الى حسن الماب فِي العقبى فَهُوَ على التَّحْقِيق الشَّاب الَّذِي نَشأ فِي عبَادَة الله هَذَا كُله فِي عنفوان السن وغرة من الشَّبَاب وبداية الامر يُنَبه الْعُقَلَاء لما سينتهي اليه الْحَال اذا قَارب سنّ الْكَمَال
إِن الْهلَال اذا رايت نموه ايقنت أَن سيصير بَدْرًا كَامِلا وَالله تَعَالَى يمده باطول الاعمار وينشر اعلامه فِي اقاصي الديار
فان قَالَ قَائِل كَيفَ تجاسرتم على دَعْوَى التَّقْوَى والورع وَمن شَرطه التجرد عَن الاموال حَتَّى لاياخذ قيراطا الا من حلّه وَلَا يَدعه الا فِي مَظَنَّة اسْتِحْقَاقه وَقد قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اتَّقوا النَّار وَلَو بشق تَمْرَة وَلَيْسَ يتم الْوَرع بالمواظبة على الْفَرَائِض وَاجْتنَاب الموبقات والكبائر بل عماد هَذَا الامر الْعدْل وَاجْتنَاب الظُّلم فِي طرفِي الاعطاء والاخذ فان ادعيتم حُصُول هَذَا الشَّرْط نفرت الْقُلُوب عَن التَّصْدِيق وان اعترفتم باختلال الامر فِيهِ انخرم مَا ادعيتموه من حُصُول الْوَرع وَالتَّقوى قُلْنَا هَذَا السُّؤَال نكسر اولا سورته ثمَّ ننبه على سر هُوَ مُنْتَهى الانصاف فَنَقُول ان صدر الِاعْتِرَاض عَن باطني فَلَعَلَّهُ لَو رَاجع صَاحبه الَّذِي يواليه واستقرى مَا شَاهده من هَذِه الاحوال فِيهِ افتضح فِي دعاويه وَكَانَ الْحيَاء خيرا لَهُ مِمَّا يُورِدهُ ويبديه وان صدر السُّؤَال عَن اُحْدُ عُلَمَاء الْعَصْر الَّذين يَعْتَقِدُونَ خلو الزَّمَان عَن الامام لفقد شَرطه