وَحسن نظره ورايه مراعيا لنظام الامر مترددا بَين اللطف والعنف حَتَّى انْعَقَدت الْبيعَة وانتشرت الطَّاعَة واذعنت الرّقاب واتسقت الاسباب وانطفات الْفِتَن الثائرة وظل ظلّ الْخلَافَة بِحسن تَدْبيره وبراى وزيره ممدودا واصبح لِوَاء النَّصْر بِحسن مساعيه معقودا وَطَرِيق الْفساد بهيبته مسدودا واضحت الرعايا فِي رعايته وَادعَة وَصَارَت عين الْحَوَادِث بِحسن كلاءته عَن مديته السَّلَام هاجعة فليت شعري هَل تكسب مثل هَذِه العظائم الا بِكَمَال الْكِفَايَة ونباهة الحزم وَالْهِدَايَة وَهل يسْتَدلّ على كِفَايَة الْمُلُوك بِشَيْء سوى انتظام التَّدْبِير وَحسن الراى فِي اخْتِيَار المشير والوزير فَلَيْسَ يعْتَبر فِي صِحَة الامامة صفة الْكِفَايَة الا مَا يسر الله سُبْحَانَهُ لَهُ اضعاف ذَلِك فليقطع بِوُجُود هَذِه الشريطة ايضا مَضْمُومَة إِلَى سَائِر الشَّرَائِط
وَهَذِه هِيَ اعز الصِّفَات واجلها واولاها بالرعايات واجدرها وَهُوَ وصف ذاتي لَا يُمكن استعارته وَلَا الْوَصْل إِلَى تَحْصِيله من جِهَة الْغَيْر اما النجدة فتحصيلها من الْغَيْر لَا محَالة وَالْهِدَايَة وان اعتمدت على غزارة الْعقل ففوائدها يُمكن فِيهَا الِاسْتِعَارَة بطرِيق الْمُرَاجَعَة والاستشارة وَالْعلم ايضا يُمكنهُ تَحْصِيله بالاستفتاء واستطلاع رأى الْعلمَاء والورع هُوَ الاساس والاصل وَعَلِيهِ يَدُور الامر كُله وَلَا يُغني فِيهِ ورع الْغَيْر وَهُوَ رَأس المَال ومصدر جملَة الْخِصَال وَلَو اخْتَلَّ هَذَا وَالْعِيَاذ بِاللَّه لم يبْق معتصم فِي تَحْقِيق الامامة فَالْحَمْد لله الَّذِي زين احوال الامام الْحق الْمَنْصُور امامته بالورع وَالتَّقوى حَتَّى اوفي فِيهِ على الغية القصوى فتميز بمتانة الدّين وصفاء الْعقل وَالْيَقِين فِي جَمَاهِير الْخُلَفَاء حَتَّى ظهر