بَينه وَبَين خَصمه فِي الِاعْتِقَاد فَلم يدْرك المساواه بَين حالتيه وَكم من مَسْأَلَة اعتقدها نظرا ثمَّ تغير اعْتِقَاده فيمَ يعرف ان الثَّانِي لَيْسَ كَالْأولِ قُلْنَا يعرف ذَلِك معرفَة ضَرُورِيَّة لايتمارى فِيهَا وَهَذَا معتقدكم أَيْضا فِي مثالين وَلَا كَلَام أقوى من الْقلب والمعارضه فِي مثل هَذِه المقالات فان عَادَتهم مد يَد الِاعْتِصَام الى إشكالات لَا تخْتَص بِمذهب فريق فيحيرون عقول الْعَوام بِهِ ويخيلون انه من خَاصَّة مَذْهَب مخالفيهم والعامي الْمِسْكِين مَتى ينتبه لانقلاب ذَلِك عَلَيْهِ فِي مذْهبه فَنَقُول هَذَا الْقَائِل اعْتقد مَذْهَب التَّعْلِيم وَإِبْطَال النّظر تتقليدا سَمَاعا من أَبَوَيْهِ اَوْ سمع من الْأَبَوَيْنِ مذهبا ثمَّ تنبه بعد ذَلِك لبطلانه فَإِن قَالَ اعتقدته سَمَاعا من الْأَبَوَيْنِ قُلْنَا وَأَوْلَاد النَّصَارَى وَالْيَهُود الْمَجُوس وَأَوْلَاد مخالفيكم فِي مَسْأَلَة النّظر وَقع نشوؤهم على خلاف معتقدكم فبماذا تفرقون بِهِ بَين انفسكم وَبينهمْ أبطول اللحى اَوْ سَواد الْوُجُوه أم بِسَبَب غَيره والتقليد شَامِل وَإِن قُلْتُمْ لَا بل اعتقدنا مذهبكم ثمَّ تركنَا التَّقْلِيد وتنبهنا لصِحَّة مَذْهَب التَّعْلِيم قُلْنَا تنبهتم لبُطْلَان مَذْهَبنَا على البديهة اَوْ بِنَظَر الْعقل فَإِن كَانَ على البديهة فَكيف خَفِي عَلَيْكُم البديهي فِي اول امركم وعَلى أبائكم وعلينا وَنحن الْعُقَلَاء وَقد طبقنا وَجه الارض ذَات الطول وَالْعرض وان عَرَفْتُمْ ذَلِك بنظركم فَلم وثقتم بِالنّظرِ وَلَعَلَّ حالكم اللاحقة كالحال السَّابِقَة
فَمَا الْفَارِق فَإِن قُلْتُمْ عرفنَا من الْمعلم قُلْنَا إِن كَانَ تقليدا فَمَا الْفرق بَين التَّقْلِيد للأخير والتقليد للْأولِ وَبَين تقليدكم وتقليد طوائف الْمُخَالفين من الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوس وَالْمُسْلِمين وان فهمتم بِالنّظرِ فَمَا الْفرق بَيْنكُم وَبَين سَائِر النظار وَهَذَا مِمَّا لَا جَوَاب عَنهُ إِلَّا أَن يُقَال بِالضَّرُورَةِ ندرك التَّفْرِقَة بَين ماعلم يَقِينا لَا يُمكن فِيهِ الْخَطَأ وَبَين مَا يُمكن فَهَكَذَا جَوَابنَا
الْمِثَال الثَّانِي إِن من غلط فِي مَسْأَلَة حسابية ثمَّ تنبه لَهَا هَل يتَصَوَّر ان يَزُول شكه بعد التَّنْبِيه نجيب يعلم انه لَيْسَ مخطئا وَأَن الْخَطَأ غير جَائِز