والله قد وضع في النفس حب المال والجمال وقسمهما لنا قسمين، فقال: هذا حرام وهذا حلال. فإذا جوّزنا للرجل أن يستمتع بكل جمال يشتهيه ويقدر على الوصول إليه، سواء أكان له أم كان لغيره، وسواء أكان التمتع به بالنظر واللمس أو المقاربة، حلالاً كان أم حراماً، وقلنا: هذه هي المدنية الجديدة وهذه هي الموضة، فلماذا لا نجوّز له أن يأخذ كل ما تشتهيه نفسه من أموال الناس بالغصب وبالسرقة وبالاحتيال؟ ولماذا نقيم القيامة على من يسرق عشر ليرات ونسوقه إلى المحكمة ونلقي به في السجن، ونغضّ عمّن يسرق أعراض الناس ويتمتع بحرمات بناتهم ونسائهم؟
هل المال أعزّ علينا من العِرض؟
* * *
نعم، إن الدين ثقيل، ولكن ليس كل ثقيل يُترَك.
والعاقل مَن إذا عَرَض له ألم مؤقت يجرّ وراءه لذة دائمة احتمله راضياً، كما يتحمل ألم قلع الضرس ليجد اللذة بالراحة من وجعه، وكما يتحمل العملية الجراحية للصحة المَرجوّة بعدها.
ومن إذا عرضت له لذة مؤقتة تجرّ وراءها ألماً طويلاً أعرض عنها راضياً وانصرف عنها مطمئناً، مهما اشتدّ ميله إليها وكثرت المغريات بها. ولو قيل لك: تعال نُعطِك كل ما تريد من أموال ولذائذ ونساء ونمتّعك بكل متعة تخطر على بالك، ولكن لمدة شهر واحد، ثم نقتلك بعدها شرّ قتلة ونحرّقك بالنار، هل تقبل