فارتاع الأب وصاح: أعوذ بالله! أنت تقول هذا؟ ودُهش الولد وفتح عينيه.
قلت: نعم، أنا أقول هذا، وهذا هو الحق. هذه طبيعة النفس البشرية؛ إن الله خلق النفس أمّارة بالسوء مَيّالة إلى الانطلاق من كل قيد والوصول إلى كل لذة، فيأتي الدين فيقيّدها ويمنعها من كثير من اللذائذ، فيَثقل عليها.
إن ابن العم الفاسق يأخذه إلى السينما فيجد فيها لهواً تستريح نفسه إليه وجمالاً مكشوفاً يتلذذ برؤيته، أو إلى الملهى حيث يجد أمامه حقيقةً ملموسة ما رأى في السينما صورتَه معروضةً مرئية، وينطلق معه يطلب كل متعة، ويطرق معه كل باب ويسلك معه كل طريق، ويفعل كل شيء ... فيأتي ابن عمه الصالح فيقول له: ابتعد عن السينما، وعن الملهى، ولا تطرق إلا أبواب الخير، ولا تسلك إلا طرق الطاعة، فيقيّده.
إن الدين قَيْد، وكل قيد ثقيل على النفس.
يرى الشاب البنت الجميلة كاشفة الساق بادية النحر، فيقول له الشيطان: انظر إليها ما أجملها! ويخيّل له صورة المتعة بها، وتستجيب النفس للشيطان فتمتلئ رغبة بالنظر وتشوّفاً إليه، فيأتي الدين فيقول له: لا، هذا حرام. ويكون نائماً في الصباح، والفراش دافئ والجو بارد والنوم لذيذ، فيقول له الدين: اهجر فراشك الدافئ واترك نومك اللذيذ، وتوضأ وقم إلى الصلاة. ويجوع، ويرى الطعام أمامه، ونفسه تشتهيه والشيطان يرغّبه فيه، فيأتي الدين فيُلزمه بالصيام ويقول له: امتنع عن الطعام. ويجد