الأمل حتى أَلِجَه؟ وأية حال من أحوالنا تبشّر بالخير وتدعو إلى السرور: أحالنا في بيوتنا، أم في مدارسنا، أم في أسواقنا، أم في دواوين حكومتنا؟ وأي طبقة من طبقاتنا تتبع هدْي نبينا: أعلماؤنا، أم قادتنا، أم أدباؤنا، أم عامتنا؟ وأي بلد من بلداننا كان البلد الإسلامي الخالص: شامنا، أم مصرنا، أم عراقنا؟

* * *

أما البيوت، وهي الحجارة في صرح الوطن، لا يصلح إن فسدت ولا ينهض إن تهافتت، فلقد كان العهد بها مؤسسة على التقوى، قائمة على الخلق النبيل والود المبذول. وكان الرجل فيها سيّداً يطيعه أهلها ويطيع هو ربه، وكان لعمله وبيته، لا يعرف غيرهما ولا يهمّه سواهما. وكان الولد برّاً بأبيه، والزوجة موافقة لزوجها، همّها دارها ومطمحها إسعاد زوجها وولدها.

فتغيرت الحال، فصارت المرأة قَوّامة على رَجُلها، والولد متكبراً على أبيه، والرجل دارُه قهوته أو ملهاه أو ناديه، والمرأة بيتها الشارع ودينها زينتها، تتخذها لتتجمل بها للرجال الأجانب في الترام والطريق لا لزوجها في المنزل، وآثرَت على دارها زياراتها وسينماها. وربما خالف الزوج إلى غير أهله وخاللت هي غير زوجها، ونشأ الولد على المُجون وشَبّت البنت على الاستهتار ... هذا وميزان النفقات في البيت مختل، وحبل الود مصروم، والتعاون على الخير مفقود، وظل الدين غير ممدود. وما بقي من البيوت صالحاً فإن الفساد يسعى إليه، وهو يسعى إلى الفساد!

* * *

طور بواسطة نورين ميديا © 2015