حدود سوريا وتسلقت شعاب الجبل، هل تلقى اختلافاً جوهرياً في العادات أو في اللغة أو في الحياة الاجتماعية بين دمشق وبيروت، مثل الذي يلقاه المسافر من باريس إلى برلين؟ وتحدّث إلى من شئت من سكان البلدين، وعرّج به على الماضي واذكر له المستقبل، فإنك لا تجد تبايناً ولا اختلافاً يصحّ معه اعتبار أهل كل بلد أمة لهم قومية مستقلة.

فالدعوة إذن إلى قومية سورية أو لبنانية أو مصرية أو عراقية لغو من القول، وتكذيب للعلم، وردّ للواقع.

بقي علينا الكلام في الدعوتين العربية والإسلامية. وليس بينهما خلاف جوهري، فإنه لولا الإسلام ما كان العرب شيئاً ولا كان لهم في التاريخ ذكر، وللبثوا في آخر الأمم حضارة وعلماً، ولولا العرب ما انتشر الإسلام ولا عمّ الشعوب. ثم إن كل مسلم نصف عربيّ لأن المسلمين أمة محمد، ومحمد صلى الله عليه وسلم عربي، ولأن القرآن كتابهم كتاب عربي مبين. وكل عربي نصف مسلم، لأنه لا يفتخر إذا افتخر بعرب نجد ولا عرب اليمامة، بل يفتخر بعرب دمشق وبغداد والقاهرة، وهم مسلمون عَزّوا بالإسلام. ثم إن هذه الحضارة ليست عربية خالصة وإنما هي حضارة إسلامية ساهم فيها المسلمون كلهم، وكل عظيم في العرب تلميذ لمحمد صلى الله عليه وسلم.

ولكن الاختلاف بين الدعوتين من ناحية السعة والامتداد؛ فالوحدة العربية مقصورة على أقل من سبعين مليون عربي، بينما تمتد الجامعة الإسلامية إلى ما يقارب أربعمئة مليون. وسأبين قيمة الجامعة الإسلامية العلمية والدينية، ثم أعرض إلى ما يوجَّه إليها من نقد فأجيب عليه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015