وقد دُعي هذا كله «الاشتراكية الخيالية» لأن أصحاب هذه الكتب قدّموا للناس صورة خيالية للمجتمع المنشود، ولكن لم يبيّنوا الطريق إليه ولم يرسموا المناهج لتحقيقه. ودُعيت اشتراكية كارل ماركس (أي الماركسية) «الاشتراكية العلمية»، وهي المقصودة الآن بكلمة «الاشتراكية» التي تسمعونها من الأفواه ومن الإذاعات وتقرؤون عنها في الصحف والمجلات.
فمن هو ماركس؟ وما الماركسية؟
كارل ماركس يهودي ألماني، ولد سنة 1818 ودرس في جامعة بون ونال شهادة العالمية (الدكتوراة) سنة 1841. وكان المذهب المادي في الفلسفة هو الذي يسيطر -تلك الأيام- على عقول الشبان المتعلمين وطلبة الجامعات في ألمانيا، وكان زعيم هذا المذهب هيغل. وقد أقبل ماركس على هذه الفلسفة وآمن بها، وولّدت في نفسه أفكاراً ثورية هدّامة جعلت الجامعة ترفض قبوله للتدريس فيها، فاحترف الصحافة يتخذ منها بوقاً لدعوته، فطورد حتى اضطر إلى التنقل بين ألمانيا وفرنسا وبلجيكا، ثم استقر في إنكلترا. وكان أشهر كتبه كتاب «رأس المال» و «الميثاق الشيوعي» (المانيفِسْتو) الذي شاركه زميله فردريك أنْغلز إصداره سنة 1848.
وسأحاول تلخيص ما ذهب إليه كارل ماركس وتقريبه لجمهور القراء.
رأى ماركس أن الناس على عهده طبقتان: كثرة تَجِدّ وتكدح ولا تنال إلا القليل، وقلة تستمتع بالكثير من ثمرات هذا الكد.