أصحابها مجتمعاً أفضل من المجتمع الذي كانوا يعيشون فيه، أقاموه على الأسس الاقتصادية التي رأوا أنه يمكن أن يرتفع عليها هذا الصرح المثالي. أذكر منهم -على سبيل المثال- توماس مور، مؤلف كتاب «طوبيا» الذي ظهر في إنكلترا في الفترة التي اتجه فيها اقتصادها من الزراعة وحدها إلى التجارة الواسعة. وكان من الأسس التي وضعها في كتابه (لمجتمعه الذي تخيّله) أن تكون ملكية الأرض عامة، وأن يوزَّع نتاجها بالعدل، وأن يراح العاملون فيها فلا يكلَّفوا العمل أكثر من ست ساعات في اليوم، وأن يعالَج المرضى بالمجّان، وأن يُلزَم الأطفال جميعاً بالتعليم.
ثم جاء جيمس هارنغتون فألف في بداية النصف الثاني من القرن السابع عشر الميلادي كتاباً اسمه «جمهورية أوشيانا»، نحا فيه نحو مور في تعميم ملكية الأرض، وأقام لمجتمعه المتخيَّل حكومة جمهورية دستورية السلطات فيها (التشريعية والتنفيذية والقضائية) منفصلٌ بعضُها عن بعض، قال بذلك قبل أن يقول به مونتسكيو في فرنسا بزمن طويل.
ثم جاء سان سيمون الفرنسي فدعا إلى الاشتراكية في الإنتاج، وأن يعمل كلٌّ حسب قدرته ويأخذ قدر حاجته، وكان ممّا دعا إليه إلغاء الإرث. وحاولوا تطبيق أقواله على المجتمع، فكان نصيبها الفشل.
وجاء بعده شارل فورييه، وكان أبرز ما دعا إليه التعاون بين العمال وتأليف الجمعيات التعاونية. وأساس مذهب التعاون -اقتصادياً- حذف الوسيط بين المنتِج والمستهلك ورَدّ ربحه على