كتبت سنة 1958
لقد بلغ الإسلام بلاداً تعجبون أنتم الآن إذا سمعتم بأنه بلغها، وأقام فيها دولاً وأنشأ فيها حضارات وترك فيها آثاراً، وأكثر القراء لا يعرفون شيئاً عنها لأننا أمة جهلت تاريخها.
ثم بُلينا فوق الجهل بما هو شرٌّ من الجهل، بشباب أغرار ويدّعون الحكمة والعقل، جُهّال بتاريخنا ويَلُون تدريسه في المدارس والجامعات، يُلقون جهلهم على أنه علم، ويواجهون به طلاباً لا معرفة لهم ولا دفاع لديهم، لا يواجهون به العلماء في النوادي ولا القرّاء في الصحف، ثم يضطرون الطلاب إلى حفظه والامتحان فيه وأخذ الشهادة عليه، ثم يخرج الطلاب مدرّسين، فينظرون فإذا ليس في أيديهم إلا هذا الجهل المركَّب تركيب حصاة المثانة، لا تتحلل ولا تذوب! فيحملونه إلى تلاميذهم، وتتزايد حلقات السلسلة حتى تكون قيداً للحقائق تمنعها أن تنطلق في الناس، وتحبسها في بطون الكتب وصدور العلماء، وتذيع هذه الأكاذيب الصبيانية على أنها هي الحقائق التاريخية!
من هذه الأكاذيب التي تعيدها ببغاوات المعلمين وترددها أسطوانات الصحفيين، زعمهم أن هذه الحضارة التي نسميها