يفتح أمامها طرق الحرام ويسهّلها ويُعبّدها، ويسدّ في وجهها سبل الحرام أو يوعّرها ويضيعها. وسأتكلم عليه في طائفة من هذه الأحاديث.
وأما الذي يحتاج إلى بحث ونظر فأوّله هذه القوانين الجديدة وهذه النظم: ما حكمها في الدين؟ وهل يجوز إقرارها والعمل بها، أم لا بد من اتّباع ما قرر الفقهاء في مذهب من المذاهب الأربعة؟ وما أجيب به الآن هو رأيي الذي أراه، وهو يحتمل الخطأ والصواب، فمن تبين له خطؤه فليصحّحه لي.
إذا فتحتم كتاب «بلوغ المرام» أو «منتقى الأخبار»، أو أي كتاب من الكتب التي تسرد أحاديث الأحكام، وجدتم أن الأحاديث الواردة في العبادات كثيرة جداً والأحاديث الواردة في المعاملات المدنية قليلة.
وهذا من مزايا الإسلام، ليكون ديناً مرناً يصلح لكل زمان ومكان؛ فالعبادات لا تحتاج إلى تبديل، بل لا يجوز فيها التبديل، ولا مجال فيها للاجتهاد إلا في فهم النص الذي جاءت دلالته غيرَ قطعية تسهيلاً على الناس. أما المعاملات فمن شأنها أنها تتبدل بتبدل الأزمان والبلدان، وتتبدل بتبدل أوضاع الناس وأعرافهم، فوضَعَ لها الشرع قواعد عامة وترك للمجتهدين استنباط التفاصيل.
فقد حدد الشرع -مثلاً- كيف ينعقد العقد وكيف يكون صحيحاً لا فاسداً، وضمن حرية المتعاقدين بنفي الإكراه، كما أنه نفى التغرير والغبن، ومنع أنواعاً معينة من العقود لأنها