وأنني مخطئ، وأن جميع علماء المسلمين متعصبون رجعيون لا يعرفون البحث العلمي الجديد! وهو معذور -في رأيي- تماماً، لأنه رأى هذا الخواجة لبقاً يدّعي المعرفة ويستطيع أن يتفاهم معه ويتفق معه في التفكير، في حين لا يرى في المشايخ من يستطيع أن يتفاهم معه. ورأى مع هذا المدرّس كتاباً مبوَّباً منظماً فيه كل ضلالاته معروضة بشكل جذّاب عليه طلاء من البحث العلمي، في حين أن كتب الحق التي هي مع علماء المسلمين أُلِّفت لعصر غير هذا العصر ولقرّاء غير هؤلاء القراء، فيُخيَّل إلى النشء الذي لم يألفها أنها ينقصها التبويب والترتيب والبحث العلمي الجديد، فيتركها مثلُ هذا الفتى المسلم ويلجأ إلى كتب أستاذه الخواجة!
فالمسألة إذن أكبر من عزل أستاذ أو إحالته على القضاء؛ إنها مسألة ناشئة المسلمين في كل بلد، مسألة أمة المستقبل تُنَشَّأ على غير الحق ويتولى قيادتَها جماعةٌ من الجاهلين المُبطلين، إذا افتُضح واحد منهم مصادَفةً فإن كثيرين لا يزالون في الخفاء.
فأنا أقترح على الجمعيات الإسلامية في مصر والشام الدعوةَ إلى تأليف الكتب على الأسلوب الجديد في بيان الإسلام وحقائقه ومزاياه، وإقامة مؤتمر إسلامي عام يحضره مندوبون عن كافة الجمعيات والهيئات لبحث مسألة «التعليم والإسلام» وبيان أقصر الطرق وأقومها إلى الغاية، وانتخاب هيئات تنفيذية لتحقيق مقررات هذا المؤتمر. وبغير ذلك لا تزداد المشكلة إلا تعقيداً، حتى يأتي يوم نخشى أن لا تُحَلّ فيه أبداً لا قدّر الله.
* * *