وتؤثّر فيهم العاطفة، ويشعرون بالجميل للمعلم الذي يمنحهم الدرجات بلا حساب (كما يفعل هذا المدرّس)، فأشفقوا عليه لمّا سمعوا ذلك منه وخُدعوا كما خُدع ذلك الأرنب بالقط الذاكر التقي الصائم المصلي (في قصة كليلة ودمنة)، فتطوع هذا الطالب المؤمن المسلم المصلي الصائم للدفاع عن القط!
ولكن ماذا يقول في الدفاع؟ لم يجد إلا قاموس الشتائم، فسبّني وشتمني فلم أبالِ بذلك، وإنما باليت واهتممت باعتقاد هذا الطالب بصحة هذا الرأي الباطل ودفاعه عنه، فهو يدافع عن دعوى الخواجة بأن أسلوب القرآن ليس جديداً (وإنما هو أسلوب السَّجْع المعروف عند عرب الجاهلية وبعض كُهّانهم) ويستدل على ذلك بكلمة لطه حسين في كتابه «الأدب الجاهلي» جاء فيها ما نصّه: "إنما كان القرآن جديداً في أسلوبه، جديداً فيما يدعو إليه الناس، جديداً فيما شرع للناس من دين وقانون".
أفرأيت فهم هذا التلميذ؟! أما كان خيراً له أن يهتمّ بدروسه التي سيُمتحَن فيها من أن يورّط نفسه في هذا الخزي وأن يستدلّ على الدعوى بضدّها؟ ثم متى كان طه حسين في «الأدب الجاهلي» حجة في حقائق الإسلام؟ أما كان يجب على هذا الطالب أن يعلم أن هذا الكتاب شَغَل دوائر القضاء ودمَغَته النيابة العمومية بشَرّ أوصاف الخزي، وأُلِّفت في الرد عليه كتب جَمّة قائمة برأسها؟ وأي هزيمة أعظم من التماس الحجة في مثل هذا المرجع الذي ظهر عُواره لكل عالم وأديب؟ هذا وليس في الذي نقله الطالب من كلام طه حجة له أصلاً.
* * *