وأشدها انطباقاً على افتضاحها ووقاحتها، سماها «المكشوف» (على حين أن الناس يسألون الله الستر والله يسمي نفسه الستَّار)، فكان هذا الاسم مقالة دائمة قائمة في رأس هذه المجلة تلعنها أبداً، وكان ما صنع هذا الأحمق بنفسه نهاية الجهل والخذلان.

وكان عندنا في الشام كثير من هذه المجلات، تُنشَر بين الشبّان والشابات على مسمع الحكومة والجمعيات الإسلامية وبصرها، فأخذت على «المكشوف» السوق فلم تدع لها قارئاً، لأن هذا القلم الضعيف الذي يحمله هذا الحبيشي لا يصلح لفضيلة ولا لرذيلة، لا يصلح إلا للنار، فبارت وأفلست، فانتقل من الكلام على الدعارة الجنسية والانحلال الأخلاقي إلى الكلام على الانحلال اللغوي، وجمع لها طائفة من الشباب على شاكلة صاحبها ومثله، وأصدرها «أدبية». لكنْ مَن تراه يقرؤها وفي الدنيا «المقتطف» و «الزهراء» و «السياسة»، ثم جاءت «الرسالة» و «الرواية»، إلا من سَفِهَ نفسه وأضاع عقله؟ ففكر الحبيشي وقدّر، وانتهى إلى الأخذ بحكمة بشّار حين هجا جريراً ليكون أشعر الناس، فشرع يهجو، فلا يرى إلا الإعراض والاستصغار فلا يستحي ولا يخجل، لأنه:

إذا قَلَّ ماءُ الوجه قلَّ حياؤه ... ولا خيرَ في وجه إذا قلَّ ماؤه

ولا يَني يفتش عن أديب جديد له شهرة وله مكانة يتعلق بأذياله، فعلق بالشاعر بشارة الخوري فلم ينل منه منالاً، فمال إلى أدباء الشام فلم يلقوا لهذيانه بالاً، فانصرف إلى أدباء العربية، أدباء مصر، يحسب أنه -لِمَا فشا من سره وطمَّ من بلائه، وشاع من اسمه وتردّد على الألسنة تردد الفضيحة الحمراء والوصمة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015