جماعة قد انطلقت عقولهم من قيود اللفظ والوقوف عند تفهّم العبارة وإعادتها بأسلوب آخر (قد يكون أرقى من أسلوب الكتاب وقد ينحطّ عنه)، وأن يُختار للتلاميذ المبتدئين كتب سهلة مكتوبة بأسلوب مفهوم، وأن يُبتعَد عن هذه الشروح وهذه الحواشي فلا تدرَّس إلا في الصفوف العالية حينما تقوى مَلَكة العلوم الإسلامية عند التلميذ، لأن الابتداء بتقرير هذه الكتب للتلاميذ الذين درسوا في مدراس مدنية دراسة بعيدة عن الدين يُنتج نتيجة سيئة جداً، هي تنفير الطلاب من كتبنا وعلومنا.

ولست أذهب في هذا إلى الحط من قيمة هذه الكتب القديمة، فإني أَعْرَف الناس بقيمتها وقيمة أصحابها الذين ألّفوها على طريقةٍ لا نشك بصلاحيتها للعصر الذي أُلِّفت فيه. ولكني أذهب إلى أن المراد من الدرس فهم مادة العلم، وعلم النحو مثلاً يُفهَم من غير أن نحفّظ التلاميذ المبتدئين هذه المنظومة العجيبة التي تُعرَف بـ «الألفية»، ونكسر بها أدمغتهم ونبغّض بها النحوَ إليهم أشد التبغيض، وإلى أن هذه الكتب الحديثة المبوَّبة المرتبة تغني التلاميذ المبتدئين عن «القَطْر» (?) و «ابن عقيل»، وليس تدريس هذين الكتابين من الدين حتى نتمسك بهما ونحرص عليهما، ولكن الوصول إلى الغاية من أقرب الطرق هو الذي يُعَدّ من حقائق الدين.

وأذهب إلى أن تدريس الفقه للمبتدئين لا يقتضي شرح هذه الافتراضات الغريبة التي توجد في كتب الفقه ويولع بها بعض الفقهاء ... وإلى جانب هذه الإفاضة في فرض الفروض نجد في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015