نشرت سنة 1937
لما كنت طفلاً صغيراً كنت أذهب مع أبي يوم المولد إلى منزل المحدّث الكبير السيد الكتاني رحمه الله، فكنت أجد فيه حشداً من الناس وقد تفرقوا في قاعاته وأبهائه، فتحلقوا فيها حول جِفان الرز الموشَّاة بالصنوبر واللوز والمغطاة باللحم، فأكلوا حتى شبعوا ثم قاموا ليأكل غيرهم. فإذا انتهى الطعام ذهب منهم من ذهب وبقي من بقى يستمع قصة المولد.
أو أذهبُ إلى المسجد الأموي فأجد فيه خلائق مجتمعة حول تالٍ يتلو شيئاً يسميه «قصة المولد»، ومنشدين يغنّون أغاني يدعونها أناشيد نبوية، فإذا انتهى الغناء واكتملت القراءة بدأ الصراخ والصراع على السكاكر والملبَّس.
وكان هذا هو الاحتفال بالمولد!
وفي ذات صباح خرجت من داري، فإذا في المدينة شيء جديد، إذا البلد قد اكتست حلّة من أغصان الشجر مزينة بأزهار الغوطة، ولبست ثوباً من السجاد العجمي مزداناً بالصور، صور شتى لا تجمعها فكرة ولا تدل على شيء، فمن صورة عنترة بن