إلى أميركا -مثلاً- فكلمهم بالعربية لما فهموا عنه، فلا بد إذن أن تكلمهم بلسانهم، وأن تنقل لهم حقائق الدين كما هي بذلك اللسان ... هذا الذي أردته من الدعوة إلى استعمال لغة العصر وأسلوبه.
الثاني: أن نتأسّى برسول الله صلى الله عليه وسلم، فنجعل الوعظ باللين واللطف لا بالشدة والعنف، وأن نسوق كلاماً عاماً يكون فيه تلميح وتلويح، لا أن نسوقه صريحاً واضحاً يتألم منه السامع فيثير في نفسه الرغبة في المقاومة والإعراض عن الموعظة. وخير المواعظ ما جاء عَرَضاً، ولقد كنت أشاهد في المحكمة في قضايا الجرائم أن الطعنة التي تصيب الرجل على حين غفلة منه تدخل فيها السكين معشارين أو ثلاثة أو أكثر (?)، فإذا كان متنبهاً لها مترقباً وقوعها لم تدخل نصف معشار.
والله أمرنا أن ندعو بالحكمة والموعظة الحسنة؛ ذلك لأن الموعظة قد تكون سيئة، سيئة في أسلوبها لا في أصلها. والموعظة الحسنة هي التي يكون معها الدليل، فلا نأمر بما لم يأمر به الله ولا رسوله، ولا نزيد عليه ما ليس منه. والتي تكون خالصة لله تخرج من قلب قائلها فتقع في قلب سامعها. ومن سنّة الرسول عليه الصلاة والسلام أنه كان يقول: ما بال أقوام يفعلون؟ لا يقول للمخاطَبين: ما بالكم تفعلون؟ أي أنه يذكر الفعل ولا يصرّح بذكر الفاعل.
والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أصول الإسلام،