التجديد وترك التعصب ومجاراة الأمم الراقية. وهي دعوى كاذبة، والحقيقة فيها أن أوربا أدركت من زمن بعيد قوة الإسلام فعملت على تجريد المسلمين من هذه القوة، فهوّنت عليهم أمر دينهم وهوّلت عليهم بهذه الألفاظ الطنّانة، فصدق ذلك السخفاءُ منهم وحسبوا أنهم لا يكونون متمدنين إلا إن تركوا الدين. ولست أدري متى ينتبه المسلمون ويدركون هذه الخدعة؟
ثم إن هؤلاء الشباب إذا أرادوا أن يعرفوا الإسلام بأنفسهم لم يجدوا أمامهم إلا هذه الكتب القديمة، وهي موضوعة لزمان غير زمانهم ومكتوبة بأسلوب لا يفهمونه ولا يفهمه إلا المتمكن من علم المنطق، الممارس لهذه الكتب المتلقّيها عن مشايخها، وإلا العلماء، وأكثرهم بعيد عن الشباب والشبابُ بعيدون عنهم، لا صلة بينهم وبينهم، فكيف يعلم هؤلاء الشباب ما الإسلام؟
إنهم لا يمكن أن يعرفوا الإسلام إلا بأن تعمد مجلة كمجلتكم إلى علماء الدين فتكلّفهم بتبسيط علوم الإسلام، ونشر خلاصات عن مباحثها العلمية بأسلوب أدبي سهل، ودلالة القرّاء على كتبها وإرشادهم إلى مراجعها. وفي مصر وفي الشام من يستطيع أن يقوم بهذا العمل على أكمل وجه، كالأستاذ الشيخ عبد الوهاب خلاّف والأستاذ الشيخ شلتوت، وأمثالهما.
وأن يكون مقصدها الثاني بعث روائع تاريخنا ومناقب رجالنا، وعرضها على القراء بالأساليب البيّنة والأقلام القوية المتمكنة، لتذكّرنا بهذا الإرث الضخم الذي لا يزال يجري في دمائنا، ولكنا نسيناه وأعرضنا عنه، وبأمجاد ماضينا ومفاخر