وأنا لا أعرف ما أسلوب مجلتكم، ولكني لو كنت من أصحاب الرأي فيها لاقترحت عليكم أن تجعلوا مقصدها الأول هو تعريف المسلمين بالإسلام وترجمة علومه إلى لسان العصر، لأن الإسلام في ذاته قوة لا يقوم لها شيء في الدنيا، ولذلك سار في الأرض وانتشر، وما زال ينتشر إلى اليوم بلا تبشير به ولا دعوة منظَّمة إليه. وما أُتِي المسلمون إلا من جهلهم بالإسلام. ولقد كنت أقول دائماً لمجدد العصر الشيخ حسن البنا (رحمه الله وانتقم له ممّن سفك دمه) كنت أقول له دائماً إن موطن الضعف في الإخوان هو جهلهم بالدين، حتى إنه -غفر الله له- ألزمني بأن أجعل جلسات أسبوعية لبعض رؤساء الشُّعَب في مصر، وكان هؤلاء الرؤساء من طلبة الجامعة على الغالب، من كلياتها المختلفة، فمنهم طالب الطب وطالب الأدب وطالب الهندسة، وكانت لي معهم مجالس كثيرة وجدت فيها أن أكثرهم لا يعرف موضوعات العلوم الإسلامية ولا فيمَ تبحث، ولا يستطيع أن يفرق بين أصول الفقه وأصول الدين، ولا يعرف شيئاً من مصطلح الحديث، ولا وقوف له إلا على ما لا يكاد يُذكَر من كتب الثقافة الإسلامية ... هذا على رغم ما شهدته فيهم من صدق الإيمان وتوقّد النشاط ومَضاء العزم، واستعدادهم لاقتحام النار والحديد بصدورهم ابتغاء نصر الإسلام وإعلاء كلمة الله.
وأنا أعلم أن لهؤلاء الشباب في جهلهم هذا بعض العذر، فهم قد درسوا في المدارس الرسمية، وهذه المدارس لا تزال تمشي على الطريق الذي سيّرها فيه دَنْلوب في مصر وراجِهْ في سوريا وأمثالُهما، وهو طريق يبعدها عن الدين وعلومه بدعوى