لا يكون إلا بالكذب والاحتيال والدس والوقيعة. لا يا سادة، إن من تخرّج في مدرسة محمد صلى الله عليه وسلم وكان رسولَ رسولِ الله لا يكون دسّاساً ولا كذاباً. إن المؤمن لا يكذب، هكذا قال الرجل الذي قال: «ابنا العاص مؤمنان، عمرو وهشام» (?)، محمد صلى الله عليه وسلم.
هذا هو عمرو؛ فأي فاتح صنع مثل ما صنع عمرو؟ أي قائد كان أعظم بركة في ظَفَره من عمرو؟ أي مصلح كان أبقى أثراً في إصلاحه من عمرو؟
إنه ما شهد في مصر مسلم أنه لا إله إلا الله، ولا قام متبتّل في صلاة، ولا قعد واعظ في مصلاّه، ولا قاض إلى منصته، ولا مدرّس إلى أسطوانته، ولا عمل مصري من خير، إلا وعمرو شريكه في ثواب عبادته؛ لأنه السبب في هدايته، ومَن سَنّ سُنّة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة.
عمرو بنى جامع ابن طولون، وشاد الأزهر، وعمّر هذه المدارس وأقام هذه المساجد، وأنشأ كل مظهر للإسلام في مصر ما كان لولا عمرو. عمرو هو الذي ردّ برابرة الشرق في عين جالوت، وبرابرة الشمال في المنصورة، وكان له فضل كل نصر كتبه الله للإسلام في مصر.