بدل المركب عشرة، وإن أغرقنا العشرة جاءتنا مئة؟
قالوا: فماذا ترى؟
قال: نتدارك الأمر باللطف وحسن السياسة، بأن نتوجه إلى جدة أنا وبعض أعيانكم، ونجتمع بقبطان هذا المركب ونعقد معه أمراً يندفع به الضرر.
فاستحسنوا رأيه وتوجهوا معه إلى جدة، فقابل القبطان، وتم الاتفاق على أن يجري التحقيق في هذه القضية ويُرفَع الأمر إلى السلطان ويُعمَل بما يجيب به.
ولكن السلطنة -مع الأسف- خيّبت الأمل فيها ووقفت موقفاً هو الغاية في المذلة والهوان؛ فبدلاً من أن تدفع العدوان بمثله أو أن تحتجّ عليه وترفض القبول، وهذا أقل الإيمان، أرسلت في أواخر المحرم من سنة 1275 لجنة تحقيق مختلطة، مؤلفة من أعضاء عثمانيين وأعضاء إنكليز وفرنسيين. وكان العثمانيون قلة في اللجنة فسيطر عليها الأجانب، وراحت اللجنة تقبض على كل من تتوهم أن له صلة بمقتل القنصل على اعتبار أن هذه هي الجريمة الكبرى، أما ضرب البلد الآمن بالقنابل وإزهاق المئات من أرواح الأبرياء، وإضاعة الأموال وتخريب البيوت وترويع الآمنين، فهذا كله مشروع.
وقبضوا على المئات من الوجوه والأعيان. فلما لم يستطيعوا معرفة الفاعل الحقيقي لجؤوا إلى قرار غريب؛ هو اتهام الباشا ووكلائه ووجوه البلد بأنهم أحدثوا هذه الفتنة. وكان أغرب من ذلك أن خنعت الدولة العليّة العثمانية، فقبلت بنفي نامق باشا