وكانت العمائم خاصة بالقُضاة، فإذا قالوا: فلان وضع العمامة، عرفوا أنه صار قاضياً.

ففُهِم من ذلك أن ما عليه أكثر الرجال اليوم من كشف الرأس له أصل في الأندلس، أما في غير الأندلس فلم يكن معروفاً، بل كان منكراً، وكانوا يعدّون فعله قادحاً بالعدالة.

* * *

ومن طرائف أخبار الأندلس أن كل دار فيها فيها مكتبة، ولعل هذه العادة التي نراها اليوم في بلاد الإنكليز جاءتها من الأندلس.

ولقد احتاج عالم من العلماء (نسيت اسمه) إلى كتاب ففتش عنه، وأطال التفتيش فلم يصل إليه، ثم وجده معروضاً للبيع بيد الدلاّل في سوق قرطبة، فزاد في ثمنه ليأخذه، فزاحمه رجل يبدو عليه الثراء، وكلما زاد في الثمن درهماً زاد الرجل خمسة، حتى عجز العالم وأخذ الرجل الكتاب. فلما صار في يده جاءه العالم منكسراً فقال له: بارك الله لك فيه، ولكني محتاج إليه، فهل تعيرني إياه ليلة أقرؤه فيها وأرده إليك.

فقال الرجل: والله ما لي به حاجة ولا أدري ماذا فيه، ولكن أعجبني شكله، وفي مكتبة بيتي فراغ لكتاب بمثل حجمه، لذلك أخذته، فإذا كنت محتاجاً إليه هذه الحاجة فخذه هدية مني إليك.

* * *

طور بواسطة نورين ميديا © 2015