الشاعر إلى رِقاع لِطاف فكتب فيها ما قاله من الشعر في مديحه، وصاد عدّة من الظباء والأرانب والثعالب ثم شدّ تلك الرقاع في أذناب بعضها وآذان بعض. وراعى خروج الرجل إلى الصيد، فلما خرج كمن له في مظانّه ثم أطلقها، فلما ظفر بها استبشر، ورأى تلك الرقاع ووقف عليها فزاد في طربه، واستظرف الرجل واستلطفه وأمر بطلبه فأُحضر، ونال منه خيراً كثيراً".
ثم قال: "ومن فضل العلم بالصيد ما حكاه لي أبي عن خالد ابن برمك، أنه كان نظر -وهو على سطح قرية مع قَحْطَبة حين فصلوا من خراسان، وبينهم وبين عدوهم مسيرة أيام- إلى أقاطيع ظِباء مقبلة من البرّ حتى كادت تخالط العسكر، فقال لقحطبة: نادِ في الناس بالإسراج والإلجام وأخذ الأُهْبة (?)، فتشوّف قحطبة فلم يَرَ شيئاً يَروعه، فقال لخالد: ما هذا الرأي؟ فقال: أما ترى الوحش قد أقبلت؟ إن وراءها لجمعاً يكشفها. فما تمالك الناس أن يتأهبوا حتى رأوا الطليعة، ولولا علم خالد بالصيد لكان ذلك العسكر قد اصْطُلم (?) ".
«باب» من كان مستهتراً بالصيد من الأشراف ... (وهو باب طويل حافل بالأخبار الممتعة والأشعار المستملَحة).