حديث أذيع سنة 1960
أحدّثكم اليومَ عن واقعة غريبة من وقائع التاريخ. وفي وقائع التاريخ وفي حوادث الحياة عجائب أغرب من أفانين الخيال. واقعة موضوعها «لعبة شِطرنج» (?).
والشطرنج لعبة معروفة، وهو أعلى أنواع اللعب وأدقّها، عُنيت به الأمم قديماً وحديثاً، وكان العرب من أشدّ الأمم عناية به وبراعة فيه، حتى إن منهم من كان يلاعب وهو مُسْتدبِر الرقعة لا ينظر إليها، ومن كانا يلعبان وهما مسافران على ظهور الإبل، ليس أمامهما رقعة ولا حجارة، وإنما يتخيلان الرقعة وحركات الحجارة تخيّلاً.
وبرع فيها جماعة منهم أبو القاسم التّوزي الشطرنجي، الذي وصفه ابن الرومي في قصيدة طويلة منها قوله:
غَلِطَ الناسُ، ليسَ تلعبُ بالشِّطْرنج، لكنْ بأنْفُسِ اللُّعَباءِ
لك مَكرٌ يَدِبُّ في القوم أَخْفَى من دبيب الفَناء في الأعضاء
تقتلُ الشّاهَ حيث شئتَ من الرقعة طَبّاً بالقِتْلَةِ النَّكراء