نشرت في مجلة «الرسالة» سنة 1934
أَعِرْني -يا سيدي- هذا القلم السحري الذي تكتب به، لأصف لك الشعور الذي خامرني وإخواني هنا حين قرأنا فصلك الأخير: «قصة زواج»، فما أدري والله كيف أصفه لك.
وقد والله قرأناه مَثْنى وثُلاثَ ورُباعَ، وقد والله قطعنا القراءة مرة وثانية وثالثة، لأننا لم نكن نملك نفوسنا أن تُفلت من قيود المادّة وتنفذ من بين السطور إلى عالم أسمى وأوسع، تطير في أرجائه لتلحق بهذه البلاغة العلوية التي تسمو بِتاليها وتسمو، حتى تدنو به من حدود العالم الكامل، عالم القرآن، وتريه تحقيق ما قاله فيها سعد: كأنها تنزيل من التنزيل!
وقد والله خرجنا منها وكأننا لم نعرف عبد الملك أمير المؤمنين وسعيداً سيد التابعين إلا الساعة ... فإذا أنت قد نقلت المُلْكَ والجلال من ذاك إلى هذا، وإذا مقالة منك واحدة تغلب عبد الملك على جيوشه وأمواله وملكه، ثم تجرّده منها، ثم تعرضه جسداً هزيلاً، وتمنح سعيداً -على فقره وتواضعه- أسمى العظمة والهيبة والجلال.
وأقسم لقد سمعت هذه القصة وقرأتها، وحفظتها وحدّثت