ونحن اليوم في مطلع حياة جديدة، وقد غيرت هذه الحرب (?) المقاييس وبدّلت قِيَم الأشياء في أفهام الناس، وكانت امتحاناً قاسياً للأمم، لم تنجح فيه أمة فشا فيها الفجور وعمّت الفاحشة وضعفت الرجولة ونُسيت العقيدة. ولن يدوم نجاح لأمة لا تزال تستهين بالعفاف وتميل إلى المجون وتؤمن بالكفر، وحسبنا فرنسا مثلاً معروضاً لكل ذي عينين تبصران وعقل يفكر.

فلنعتبر بغيرنا قبل أن نصير عِبرة للمعتبرين، ولتفهم حكوماتنا أنه لا حياة لنا إلا إذا أنشأنا من أبنائنا جيلاً مؤمناً متين الخلق، ظاهر الرجولة، مقبلاً على الجِدّ عارفاً بالواجب عليه. فإذا تركت الحكومات الصحفيين والكتّاب (أعني بعضهم) ينقض كل يوم حجراً من صرح الأخلاق ويوهي جانباً، وينشر في الناس حديث الشهوة البهيمية، ويستكثر من القراء بإثارة أحط الغرائز البشرية، لم ننشئ -والله- إلا جيلاً رَخواً ضعيفاً، هَمُّه شهوته ومطلبه لذته، قد ضاعت رجولته وذهبت قوته ... ثم نبني بهذا الجيل مجدنا ونقيم عزنا، ونأخذ بين الأمم مكاننا؟!

إن المسألة أكبر من أن نلوك فيها هذه الألفاظ: «حرية الكتابة» و «حرية الفكر». إنها مسألة حياة أو موت!

* * *

وما في نشر الفاحشة صعوبة ولا يحتاج إلى عبقرية أو بلاغة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015