الكتب المدرسية والكتب الأدبية

زرت من سنين أحد الناشرين في دمشق، وكان عنده صديقي الأستاذ عز الدين التَّنوخي، ومعه كتاب «المثنّى» لأبي الطيب اللغوي، الإمام العَلَم قريع ابن خالويه وزميله في بلاط سيف الدولة، وقد وقع على النسخة الوحيدة منه التي ليس لها في الأرض ثانية، بدليل أنها ليست في خزانة من الخزائن العامة في الشرق ولا في الغرب، وأنه أعلن في مجلة المَجْمَع العلمي العربي السؤال عنها فلم يكن عند أحد علم بها.

والنسخة صحيحة مقابَلة بالأصل، أي بنسخة المؤلف، عليها تعليقات بخطوط كبار العلماء كابن الشِّحْنَة وغيره، فاشتغل بنَسْخها وتصحيحها ومعارضتها بكتب اللغة أمداً طويلاً، فرأيته يعرض عليه طبعها بشرط واحد: هو أنه لا يشترط شرطاً ولا يريد مالاً ولا يبتغي على تعبه أجراً. وعند الناشر معلّم يعرض عليه كتاباً في القراءة والمطالعة، كل عمله فيه أنه نسخ من كتب الأدب قصصاً وأحاديث كتبها في أوراق ثم جمعها فخاطها، فجعلها - بإذن الله- كتابَ مطالعةٍ للصفوف الثانوية، وهذا المؤلف يأبى إلا أن يكون أربعون في المئة من النسخ المطبوعة ثمن تعبه!

وقد مرت الآن سنوات على هذه المقابلة، طبع فيها هذا الناشر مئة كتاب مدرسي، وكتاب «المثنى» لا يزال مخطوطاً في دار أبي قيس! (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015