يراجع الدفاتر ويحسب، وكان ماهراً في الحساب خبيراً بإمساك الدفاتر، فأحصى الأموال وحسب زكاتها فنحّى مقدار الزكاة جانباً، واستغرق في الحساب حتى مضت ساعات، فنظر فإذا هو الفجر. فقال: تقوى الله تقضي بالصلاة أولاً.
وخرج إلى صحن الدار، فتوضأ من البِرْكة وأقام الصلاة، فسمع رب البيت فنظر فرأى عجباً، فانوساً مضيئاً، ورأى صندوق أمواله مفتوحاً ورجلاً يقيم الصلاة. فقالت له امرأته: ما هذا؟ قال: والله لا أدري! ونزل إليه فقال: ويلك من أنت وما هذا؟ قال اللص: الصلاة أولاً ثم الكلام، فتوضّأ ثم تقدّمْ فصَلِّ بنا، فإن الإمامة لصاحب الدار.
فخاف صاحب الدار أن يكون معه سلاح ففعل ما أمره به، والله أعلم كيف صلى، فلما قُضيت الصلاة قال له: خبّرني ما أنت وما شأنك؟ قال: لص. قال: وماذا تصنع بدفاتري؟ قال: أحسب الزكاة التي لم تُخرجها من ستّ سنين، وقد حسبتها وفرزتها لتضعها في مصارفها. فكاد الرجل يُجَنّ من العجب، وقال له: ويلك، ما خبرك؟ هل أنت مجنون؟ فخبّره خبره كله. فلما سمعه التاجر ورأى جمال صورته وضبط حسابه ذهب إلى امرأته فكلمها، ثم رجع إليه فقال له: ما رأيك لو زوّجتك بنتي وجعلتك كاتباً وحاسباً عندي، وأسكنتك أنت وأمك في داري، ثم جعلتك شريكي؟ قال: أقبل.
وأصبح الصباح فدُعي بالمأذون وبالشهود وعُقِد العقد!
وهذه قصة واقعة.
* * *