يشتغل بها؟ فاضطربت المرأة وقالت: أبوك قد ذهب إلى رحمة الله، فما لك وللصنعة التي كان يشتغل بها؟ فألحّ عليها وهي تتملّص منه، حتى إذا اضطرّها إلى الكلام أخبرته وهي كارهة أن أباه كان لصاً.
فقال لها: إن الشيخ أمرنا أن يشتغل كلٌّ بصنعة أبيه ويتقي الله فيها.
قالت الأم: ويحك! وهل في السرقة تقوى؟
وكان في الولد كما قلت غفلة، فقال لها: هكذا قال الشيخ.
ثم ذهب فسأل وتسقّط الأخبار حتى عرف كيف يسرق اللصوص، فأعدّ عُدّة السرقة، وصلى العشاء، وانتظر حتى نام الناس، وخرج ليشتغل بصنعة أبيه كما قال الشيخ. فبدأ بدار جاره، ثم ذكر أن الشيخ قد أوصاه بالتقوى، وليس من التقوى إيذاء الجار، فتخطى هذه الدار. ومرّ بأخرى فقال لنفسه: هذه دار أيتام، والله حذر من أكل مال اليتيم. وما زال يمشي حتى وصل إلى دار تاجر غني ليس له إلا بنت واحدة، ويعلم الناس أن عنده الأموال التي تزيد عن حاجته.
فقال: ها هنا. وعالج الباب بالمفاتيح التي أعدّها ففتح ودخل، فوجد داراً واسعة وغرفاً كثيرة، فجال فيها حتى اهتدى إلى مكان المال، وفتح الصندوق فوجد من الذهب والفضة والنقد شيئاً كثيراً، فهمّ بأخذه، ثم قال: لا، لقد أمرنا الشيخ بالتقوى، ولعلّ هذا التاجر لم يؤدِّ زكاة أمواله، لنُخرج الزكاةَ أولاً.
وأخذ الدفاتر وأشعل فانوساً صغيراً جاء به معه، وراح