فالخيلُ تَصهَلُ والفوارسُ تدّعي ... والبِيضُ تلمعُ والأسنّة تُزهِرُ
والأرضُ خاشعةٌ تَميدُ بثِقْلِها ... والجوُّ مُعتَكرُ الجوانبِ أغبرُ
حتى طلعْتَ بضَوْءِ وجهكَ فانْجَلَتْ ... تلك الدُّجى وانْجابَ ذاك العِثْيَرُ (?)
وافْتَنَّ فيك النّاظرون فإصْبَعٌ ... يُومَا إليك بها وعَيْنٌ تَنظُرُ
ذكَروا بطلعتِكَ النبيَّ فهلّلوا ... لمّا طلَعْتَ منَ الصفوفِ وكبّروا
ومشَيت مِشيةَ خاضعٍ متواضعٍ ... للهِ، لا يُزهَى ولا يَتكبّرُ
حتى انتهيتَ إلى المُصَلّى لابساً ... نورَ الهُدى يبدو عليكَ ويَظهَرُ
فَلَوَ انّ مشتاقاً تكلّف فوقَ ما ... في وُسعِهِ لسعى إليكَ المِنبرُ
فأنت هنا مع البحتري على أرض الواقع، تمشي صاحِياً تعرف أين تضع قدمك، وقد كنت مع أبي تمام تطير على أجنحة الخيال في كون عجيب، تبدلت فيه قوانين الوجود وتغير مسير الأفلاك وتداخلت فيه الأوقات، ترى ما يُدهش ويُعجب ولكنك لا تدرك حقيقة ما ترى.