ثم الروح التي تلوح من ثناياه: هل هي روح جِدّ أم فكاهة، وحماسة أم هدوء، وتفاؤل أم تشاؤم، وصراحة أم مُداورة ولفّ وتعريض.
ثم النسق: هل يُكثر من المقدّمات والاستطرادات أم يدخل في صلب الموضوع فوراً، وهل هو من أرباب الاختصار أم من أصحاب التطويل.
ثم الموضوعات، ولكل أديب موضوعات يحبّها ويطرقها، وأخرى لا يدنو منها ولا يتكلم فيها.
وأنت إذا أدمنت النظر في آثار كاتب وأكثرت القراءة له، ثم وجدت قطعة له ليس عليها اسمه، عرفته بها من هذه الصفات التي ذكرتها لك.
وبشّار لما سمع هذا البيت:
وأنكرَتْني، وما كانَ الذي نكرت ... من الحوادثِ إلا الشّيبَ والصّلَعَا
منسوباً إلى الأعشى حكم أنه ليس له، من كلمة واحدة فيه عرف أنها ليست من قاموس الأعشى.
* * *
والخلاصة: أنكم قد تصيرون نُقّاداً بالاطلاع على علوم الأدب، وإدمان النظر في آثار بُلَغاء العرب، والتمرس بأساليبهم ومحاولة الوقوف على مزاياها وخصائصها. وقد تكونون مُؤرِّخين