والعجب أن من الناس -على هذا- من يحنّ إلى أيام تلك الكتاتيب ويتمنى أن تعود!
ثم علّمت في طبقات المدارس كلها، في الشام مُدُنِه وقُراه، وفي العراق شماليّه وجنوبيّه، وفي المملكة غربها ووسطها، وألقيت عشرات وعشرات وعشرات من المحاضرات في هذه البلاد، وفي الأردن وفي لبنان (وهما في العرف العربي من الشام) وفي مصر، وفي كراتشي وبومباي وسنغافورة وجاكرتا وسورابايا في آخر المشرق من جنوبي آسيا، وفي مدن الغرب من أوربا، في ألمانيا وبلجيكا وهولندا، وكنت فيها كلها أَلقَى الطلاب وأحاورهم، أسمع منهم وأُسمعهم وأعرف ما عندهم.
فما الذي وجدت بعد هذا كله؟
وجدت أن الطلاب الآن هم -في الجملة- غير الطلاب الذين عرفتهم بالأمس؛ لا أعني أن أشخاصهم قد تبدلت، فهذا واضح لا يحتاج إلى إيضاح، ولكن أعني ما في رؤوسهم من علم، وما على ألسنتهم من فصاحة وبيان، وما في قلوبهم من خير ومن إيمان.