ففكرت في أمره، وجعلت أسائل نفسي: فإذا كانت الغاية النجاح في هذا الامتحان، وكان ذلك يتم بدراسة أشهر أو سنة على أبعد تقدير، فلِمَ ندرّس الطلاب هذه العلوم في سنين طويلة؟ ولماذا نضيع زهرة شباب أبنائنا في المدرسة لنعلمهم ما لا يكاد ينفعهم في حَيَواتهم إذا هم خرجوا من المدرسة إلى الحياة، ولم يقدروا أن يشتغلوا بعد ذلك بما يشتغل به العامي الجاهل من أعمال اليد وأشغال السوق؟ ألا يمكن أن نعلّم كل طالب ما ينتفع به ويميل إليه، ونعفيه من علوم يكرهها ولا فائدة لها في حياته؟
ثم ركزت السؤال فقلت: ما هي الغاية من التعليم؟
* * *
إن الغاية إما أن تكون الشهادة، أو تكون العلم لذاته، أو تكون الإعداد لخوض لُجّة الحياة والفوز في اجتيازها.
أما «الشهادة» فلا بحث فيها لأنها عَرَض لا جوهر، ووسيلة إلى غيرها، لا يصح الوقوف عليها ولا القناعة بها. وهي -بعدُ- كاسمها، شهادة، قد تكون مزكّاة عادلة، وقد تكون شهادة زور تعطى لغير أهلها وتُمنَح غيرَ مستحقها. وماذا ينفع الفقير المفلس أن يشهد له عُدول البلد بأنه أغنى الأغنياء؟
أما «العلم» فإني أذكر ما جرّبته بنفسي وما شاهدت عليه تلاميذي. ولقد كنت في دراستي الثانوية مُجَلّياً دائماً، وما كنت مقصراً في درس حتى الرياضيات، ولقد بقي من أساتذتنا الهاشمي والكيّال والشمّاع (مدّ الله في أعمارهم)، فاسألوهم: هل كنت إلا سابقاً في الرياضيات وفي الطبيعيات؟ ولقد كتبت مرة في