ذلك لا يمنع من درسه وبحثه، لأن كل اقتراح أو رأي بذرة تُلقَى في الأذهان، إما أن تموت وإما أن يكون منها الدَّوحة الباسقة والشجرة العظيمة. وما من شجرة -مهما عظمت وبسقت- إلا وأصلها بذرة.
والذي نبهني لهذه الاقتراح وجعلني أبحث فيه مرة في الرسالة من عهد بعيد (?) أنه كان لي أخ دعاه داع صحي إلى ترك المدرسة، فانقطع عنها وأقبل يطالع من كتب الأدب والتاريخ ما لا يثقل عليه ولا ينال من صحته، فقرأ فيما قرأ «تاريخ الطبري» كله و «الأغاني» وكتباً أخرى من هذه البَابَة، ثم رأى أن يدخل امتحان الكفاية (وتسميتها بالكفاءة لا وجه له (?))، فاستعد لذلك شهراً واحداً، ثم دخله فكان من الناجحين، على أن الناجحين في تلك السنة كانوا دون الثلث. وعاد إلى مثل ما كان عليه حتى كان امتحان النهاية (البكالوريا) (?) فاستعد له أشهراً ونجح فيه.