وهذا وعد من الله لنا إن عدنا إلى ديننا وجعلنا معركة فلسطين معركة إسلامية، لا معركة استرداد الأرض فقط، فكل شعب تُسلَب أرضُه يحارب لاسترداد أرضه، ولا معركة قومية عربية، لأن لغيرنا قوميات، فإن اعتمدنا على القومية وحدها صرنا نحن وهم سواء ووكلَنا الله -كما وَكَلَهم- إلى أنفسنا، وإن تخلى الله عنا ووكلَنا إلى أنفسنا ضعنا.
إن معهم وعد بلفور، وهذا وعد من ربّ بلفور الذي خلقهم وخلق بلفور. وسيقفون بين يدي رب العالمين يوم لا ينفع المال ولا السلاح، يوم تبرز الجحيم لمن يرى، فمَن ينقذهم يومئذ منها؟
هذا، ولا تقولوا لي: قد خرجتَ عن الموضوع؛ فإن موضوعي اليوم هو الكلام عن اللصوص، أثاره في نفسي وقوفي في المكان الذي كان يُسمّى يومئذ «ريع اللصوص». وأكبر لصوص العصر وأعظمهم جرماً وأشدهم إثماً اليهود الذين هم اليوم في فلسطين.
وإذا كان من يسرق متاعاً من الدار يكون من المجرمين الفجّار، فكيف بمَن يسرق الدار كلها؟ وكيف بالذي يعينه على جريمته ويكون معه على صاحب البيت؟ ألا يكون مجرماً مثله؟ فكيف بمن يسرق قطراً كاملاً، يأخذه من أهله، يحتله بسلاح البغي والعدوان، ثم إذا قام مِن أصحابه مَن يطالب بحقه فيه أحالوه إلى المحكمة بتهمة مقاومة الاحتلال؟ أرأيتم أجرأ على الحق من هذا؟ أرأيتم من هو أصفق وجهاً وأوقح نفساً من اللص الذي ينكر عليك أن تطالب بحقك؟