النعمان ذا شرف وحكمة، وكان يوصيهم ويحملهم على أدبه، فقال لسعد؟ وكان صاحب حرب؟ إن الصارم ينبو، واجواد يكبو، والأثر يعفو، والحليم يهفو، فإذا شهدت حرباً فرأيت نارها تسعر، وبحرها يزجر، وبطلها يخطر، وضعيفها ينصر، فإياك أن تكون صيد رماحها، ونطيح نطاحها، وأعلم عند ذلك أنهم ينصرون، ثم قال لسعيد، وكان جواداً: يا بني، إنه قد يبخل الجواد، ويصلد الزناد، وتجمد الثماد، وتمحل البلاد، فلا تدع أن تجرب إخوانك وتبلو أخدانك. ثم قال لساعدة: يا بني إن كثرة الشرب (?) تفسد القلب، وتقل الكسب، وتحدث العب، فانظر نديمك، واحم حريمك، وأعن غريمك، واعلم أن الظمأ القامح، خير من الري الفاضح، وعليك بالقصد، فإن فيه بلاغاً.
ثم إن النعمان توفي فقال سعيد، لآخذن بأدب أبي، وأبلو (?) أوثق إخواني في نفسي، فعمد إلى كبش فذبحه. ثم أضجعه في قبته، وغشاه ثوباً، ثم دعا رجلاً كان من أوثق إخوانه في نفسه فقال يا أبا فلان: إنما أخوك من صدقك بعهده، وحاطك برفد، وقام معك يجهده وسواك بولده، قال: صدقت. قال: إني قتلت فلاناً فما عندك؟ فقال: يا للسوأة السوءاء وقعت فيها وانغمست، فتريد ماذا؟ قال: أحب أن تعينني عليه حتى أغيبه وأجنه، قال: لست لك في ذلك بصاحب، ثك تركه وانطلق، فدعا سعيد رجلاً آخر من إخوانه يقال له حريم بن نوفل الهمداني، فقال: يا حريم ما عندك؟ قال: ما يسرك. قال: فإني قتلت فلاناً، قال: فتريد ماذا؟ قال: تعينني عليه حتى أغيبه قال: لهان ما فزعت فيه إلى أخيك؛ ثم قال؟ وعبد لسعيد عنده -: هل اطلع على هذا غير عبدك هذا؟ قال: لا. فأهوى حريم إلى العبد بالسيف فقتله، وقال " ليس عبد بأخ لك " ففزع لذلك سعيد وقال: ما صنعت؟ إنما أردت تجربتك، قال حريم " سبق السيف العذل ".
قال أبو عبيد: ومن أمثالهم في ذكر الشيء بغيره " ذكرتني الطعن وكنت