موطأة لا ترغو ولا يسمع لها صوت، فيشدها برحله ثم يقول للناس حين يكاد البرد يقتلهم: ألا من كان غازياً فليغز، فلا يلحق به أحد، فلما شب لقيم ابن أخته اتخذ راحلة، فوطأها، فلما كان حين نادى لقمان من كان غازياً فليغز، قال لقيم: أنا معك إذا شئت، فلما رآه شد رحلها ولم يسمع لها رغاء، قال لقمان: " كأن برحلها باتت فقم " وفقم اسم ناقة لقيم، ثم إنهما سارا فأغارا فأصابا إبلاً ثم انصرفا نحو أهلهما، فنزلا فنحرا ناقة، فقال لقمان للقيم: أتعشي أم أعشي، فقال لقيم: أي ذلك شئت. قال لقمان: إذهب فعشها حتى ترى النجم قمة رأس، وحتى ترى الجوزاء كأنها قطار (?) ، وحتى ترى الشعرى كأنها نار، فإلا تكن عشيت فقد آنيت أي أخرت. وقال له لقيم: واطبخ أنت لحم جزورك فأز ماء واغله (?) حتى ترى الكراديس كأنها رؤوس رجال (?) صلع، وحتى ترى الضلوع كأنها رؤوس نساء حواسر، وحتى ترى الودك (?) كأنه قطا نوافر وكأن قدرك تدعو غنياً وغطفان؟ يعني من شدة غليها؟ فإن لم تكن أنضجت فقد آنيت.
ثم انطلق لقيم في إبله يعشيها، ومكث لقمان يطبخ لحمه، فلما أظلم، وهو بمكان يدعى شرجاً؟ هو اليوم لبني عبس؟ قطع سمرة ثم حفر دونه خندقاً فملأه ناراً ثم واراها، فلما رجع لقيم إلى مكانهما عرفه وأنكر ذهاب السمر فقال " أشبه شرج شرجاً لو أن أسيمراً " فذهب (?) مثلاً، ووقعت ناقة من إبله في تلك النار فنفرت، وعرف لقيم أن لقمان إنما فعل ذلك ليصيبه، حسداً منه له، فسكت، ووجد لقمان قد نظم في سيفه لحم الجزور وكبداً وسناماً حتى توارى سيفه وهو يريد إذا ذهب لقيم ليأخذه أن ينحره بالسيف، ففطن لقيم وقال له: " في نظم سيفك ما يرى لقيم " فأرسلها مثلاً، وقسما الإبل وافترقا.