ومن الناس من قال: المفرقون أهل البدع من هذه الأمة:
وقد أخرج الحكيم الترمذي1 وابن جرير2 والطبراني3 وغيرهم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا ... } إلخ: "هم أهل البدع والأهواء من هذه الأمة".
فيكون الكلام حينئذ استئنافا لبيان حال المبتدعين إثر بيان حال المشركين إشارة على أنهم ليس منهم ببعيد4.
والمقصود أن أهل الجاهلية سواء كانوا أميين أو كتابيين قد فرقوا دينهم, وتغايروا في الاعتقاد, فكان عباد الأصنام كل قوم لهم صنم يدينون له, ولهم شرائع مختلفة في عبادتها, ومنهم من كان يعبد كوكبا, ومنهم من كان يعبد الشمس, ومنهم , ومنهم, وكذلك الكتابيون على ما بينا.
فالافتراق ناشئ عن الجهل وإلا فالشريعة الحقة في كل زمان لا تعدد فيها ولا اختلاف, ولذلك ترى القرآن يوحد الحق ويعدد الباطل:
قال تعالى: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ} 5.