هذه الآية استئناف لبيان أحوال أهل الكتابين إثر بيان حال المشركين, بناء على ما روي عن ابن عباس1 وقتادة2: أن الآية نزلت في اليهود والنصارى.
أي: بددوا دينهم, وبعضوه فتمسك بكل بعض منه فرقة منهم.
{وَكَانُوا شِيَعاً} أي: فرقا تشايع كل فرقة إماما, وتتبعه أي تقويه وتظهر أمره.
أخرج أبو داود والترمذي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة, كلهم في الهاوية إلا واحدة, وافترقت النصارى على ثنتين وسبعين فرقة, كلهم في الهاوية إلا واحدة, وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلهم في الهاوية إلا واحدة"3.
واستثناء الواحدة من فرق كل من أهل الكتابين إنما هو بالنظر إلى العصر الماضي قبل النسخ, وأما بعده, فالكل في الهاوية, وإن اختلفت أسباب دخولهم.
{لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ} , من السؤال عنهم والبحث عن تفرقهم أو من عقابهم, أو أنت بريء منهم.
{إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ} : تعليل للنفي المذكور, أي: هو يتولى وحده أمرهم: أولاهم وأخراهم ويدبره حسب ما تقتضيه الحكمة.