ولكن هذه التقية غير جائزة حين يترتب عليها ضياع الحق وخفاؤه، والتباسه بالباطل، كما اذا كان المكره من العلماء المرموقين الذي ينتظر الناس كلمتهم ليدينوا بها ويعتقدوها، ومن الزعماء المتبوعين الذين يقتدى الناس بهم، ويعتبرون بمواقفهم.

[*] يقول الشيخ احمد شاكر بعد ذكر بعض شروط التقية:" .. على ألا يكون ممن يقتدى به، فيخشى أن يخفى الحق على الجاهلين، وأن يضعف إيمانهم، ويحجموا عن نصرة حقهم احتجاجا بمن أجاب عند الاكراه تقية، وهم غافلون.

وهذا هو الذى أضعف المسلمين فى القرون الأخيرة: "أن أحجم علماؤهم وزعماؤهم وقادتهم عن الضرب على أيدى الظالمين، وعن الحق فى مواطن الصدق، فتهافت الناس، وضعفت قلوبهم، وملئوا من عدوهم فكانوا لا غناء لهم وكانوا غثاء كغثاء السيل".

وقال رحمه الله فى تعليق له على موقف الإمام أحمد ورفضه التقية لما يترتب عليها من التلبس على الجهال:" .. أما أولو العزم من الأئمة الهداة، فإنهم يأخذون بالعزيمة، ويحتملون الأذى ويثبتون، وفى سبيل الله ما يلقون، ولو أنهم أخذوا بالتقية، واستساغوا لضل الناس من ورائهم، يقتدون بهم، ولا يعلمون أن هذه تقية.

وقد أتى المسلمون من ضعف علمائهم فى مواقف الحق، لا يصدعون بمال يؤمرون، يجاملون فى دينهم وفى الحق، لا يجاملون الملوك والحكام فقط، بل يجاملون كل من طلبوا منه نفعا، أو خافوا ضراً فى الحقير والجليل من أمر الدنيا، وكل أمر الدنيا حقير، فكان من ضعف المسلمين بضعف ما نرى "

وهناك حالة استثنائية خاصة يجوز فيها اظهار الموافقة، أو يشرع لغرض تحقيق مصلحة شرعية تجسسية، أو عسكرية، على ألا يتعدى بها القدر الضرورى اللازم، وقد ورد فى السنة ما يشهد لذلك الحديث الآتي:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015