(حديث جابر رضي الله عنه الثابت في صحيح الترغيب والترهيب) أنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لكعب بن عجرة: (أعاذك الله يا كعب بن عجرة من إمارة السفهاء. قال وما إمارة السفهاء قال أمراء يكونون بعدي لا يهدون بهديي ولا يستنون بسنتي فمن صدقهم بكذبهم وأعانهم بكذبهم ولم ينعهم على ظلمهم فأولئك ليسوا مني ولست منهم ولا يردون على حوضي ومن لم يصدقهم بكذبهم ولم يعنهم على ظلمهم فأولئك مني وأنا منهم وسيردون على حوضي. يا كعب بن عجرة لا يدخل الجنة لحم نبت من سحت أبدا النار أولى به. يا كعب بن عجرة الناس غاديان: فمبتاع نفسه فمعتقها أو بائعها فموبقها).
(حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه الثابت في صحيحي أبي داوود وابن ماجة) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: أفضل الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر.
قال الخطابي رحمه الله في آداب العزلة:
إنما كان هذا أفضل الجهاد لأن من جاهد العدو كان على أمل من الظفر بعدوه ولا يتيقن العجز عنه لأنه لا يعلم يقينا أنه مغلوبن وهذا يعلم أن يد سلطانه أقو من يده فصارت المثوبة فيه على قدر عظيم المؤونة.
الحالة الثانية: عند الفتنة:
الفتنة ماخوذة من "ف ت ن "الدال على الابتلاء والاختبار، وقيل هو بمعنى الاحراق.
ولها معان كثيرة، منها: العذاب، والشرك، والكفر، والإثم والبلاء، والمحنة، والقتل، والهلاك، والصد عن الصراد المستقيم، والحيرة، والضلال وغيرها.
والمقصود هنا ما يعرض للفرد والجماعة من إثار الشبهات والشهوات من انحراف واختلاف وتقاتل.
وقد جاءت السنة كثيرا بإطلاقها على الاختلاف والتفرق الواقع بين المسلمين، وما يترتب عليه من تحزب وقتال وقتل، وشاع استعمالها بهذا المعنى.
[*] قال الحافظ ابن حجر:"والمراد بالفتنة ما ينشأ عن الاختلاف فى طلب الملك، حيث لا يعلم المُحِقَّ من المُبْطِل".وقد وردت أحاديث فى التحذير من الفتن عموما، والحث على الفرار منها، واعتزالها بالكلية. أهـ
وتأمل في النصوص الآتية بعين البصيرة
قال الله تعالى ذكره حكاية عن إبراهيم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَأَعتَزَلَكُم وَما تَدعونَ مِن دونِ اللَهِ وَأَدعو رَبي عَسى أَلا أَكونَ بِدُعاءِ رَبي شَقِياً) [مريم: 48]