ومن أفضل الآداب في معاشرة الإخوان التحلي بالمجازاة على صنع المعروف، وتأمل في الأحاديث الآتية بعين البصيرة
(حديث أبي هريرة الثابت في صحيحي أبي داوود والترمذي) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: من لا يشكر الناس لا يشكر الله.
(حديث ابن عمر في صحيحي أبي داوود والنسائي) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: من استعاذكم بالله فأعيذوه و من سألكم بالله فأعطوه و من دعاكم فأجيبوه ومن صنع إليكم معروفا فكافئوه فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه.
ومن الثناء كقول جزاك الله خير، و الدعاء أيضاً وسيلة للشكر.
(حديث أسامة بن زيد رضي الله عنه الثابت في صحيح الترمذي) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: مَنْ صُنِعَ إِلَيْهِ مَعْرُوفٌ فَقَالَ لِفَاعِلِهِ جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا فَقَدْ أَبْلَغَ فِي الثَّنَاءِ.
أورد ابن حبان رحمه الله تعالى في روضة العقلاء عن العقبي قال مر سعيد بن العاص بدار رجل بالمدينة فاستسقى فسقوه ثم مر بعد ذلك بالدار ومناد ينادى عليها فيمن يزيد فقال لمولاه سل لم تباع هذه؟ فرجع إليه فقال على صاحبها دين قال فارجع إلى الدار فرجع فوجد صاحبها جالسا وغريمه معه فقال لم تبيع دارك؟ قال لهذا علي أربعة آلاف دينار فنزل وتحدث معهما وبعث غلامه فأتاه ببدرة فدفع إلى الغريم أربعة آلاف ودفع الباقي إلى صاحب الدار وركب ومضى.
أورد ابن حبان رحمه الله تعالى في روضة العقلاء عن أبي عيسى قال كان إبراهيم ابن أدهم إذا صنع إليه أحد معروفا حرص على أن يكافئه أو يتفضل عليه قال أبو عيسى فلقيني وأنا على حمار وأنا أريد بيت المقدس جائيا من الرملة قال وقد اشترى بأربعة دوانيق تفاحا وسفرجلا وخوخا وفاكهة فقال يا أبا عيسى أحب أن تحمل هذا قال وإذا عجوز يهودية في كوخ لها فقال أحب أن توصل هذا إليها فإنني مررت وأنا ممس فبيتتنى عندها فأحب أن أكافئها على ذلك.
أورد ابن حبان رحمه الله تعالى في روضة العقلاء عن علي بن محمد قال مر عمر بن هبيرة لما انصرف في طريقه فسمع امرأة من قيس تقول لا والذي ينجي عمر بن هبيرة فقال يا غلام أعطها ما معك وأعلمها أني قد نجوت.
(38) الزهد فيما عند الناس:
قال تعالى: (وَلاَ تَمُدّنّ عَيْنَيْكَ إِلَىَ مَا مَتّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَىَ) [سورة: طه - الآية: 131]