وأورد ابن أبي الدنيا رحمه الله في قضاء الحوائج عن عبد الله بن جعفر قال ليس الجواد الذي يعطيك بعد المسألة ولكن الجواد الذي يبتدئ لأن ما يبذله إليك من وجهه أشد عليه مما يعطى عليه.
(36) صنع المعروف:
ومن أفضل آداب معاشرة الإخوان صنع المعروف، وتأمل في الحديث الآتي بعين البصيرة:
(حديث أنس في صحيح الجامع) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: صنائع المعروف تقي مصارع السوء و الآفات و الهلكات و أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة.
[*] قال الإمام المناوي رحمه الله تعالى في فيض القدير.
(صنائع المعروف تقي مصارع السوء والآفات والهلكات وأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة) هذا تنويه عظيم بفضل المعروف وأهله.
[*] قال علي كرم اللّه وجهه: لا يزهدك في المعروف كفر من كفر فقد يشكره الشاكر أضعاف جحود الكافر قال الماوردي: فينبغي لمن قدر على ابتداء المعروف أن يعجله حذراً من قوته ويبادر به خيفة عجزه ويعتقد أنه من فرص زمانه وغنائم إمكانه ولا يمهله ثقة بالقدرة عليه فكم من واثق بقدرة فاتت فأعقبت ندماً ومعول على مكنة زالت فأورثت خجلاً ولو فطن لنوائب دهره وتحفظ من عواقب فكره لكانت مغارمه مدحورة ومغانمه محبورة وقيل: من أضاع الفرصة عن وقتها فليكن على ثقة من فوتها.
(37) شكر المعروف والمجازاة على صنعه:
ينبغي على المسلم أن يتحلى بشكر المعروف فإن ذلك مما حث عليه النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كما بيَّن - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن من لم يشكر الناس لا يوفق لشكر الله تعالى
(حديث ابن عمر في صحيحي أبي داوود والنسائي) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: من استعاذكم بالله فأعيذوه و من سألكم بالله فأعطوه و من دعاكم فأجيبوه و من صنع إليكم معروفا فكافئوه فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه.
(حديث أبي هريرة في صحيحي أبي داوود والترمذي) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: من لا يشكرُ الناس لا يشكرُ الله.
معنى [من لا يشكر الناس لا يشكر الله]: فيها وجهان:
الأول: من كان طبعه وعادته عدم شكر الناس على معروفهم فإنه لا يوفق لشكر الله تعالى
والثاني: أن الله تعالى لا يقبل شكر العبد على إحسانه إليه إذا كان العبد لا يشكر الناس على إحسانهم إليه.