إن دفع السيئة بالحسنة يحوِّل العداوة إلى محبة بنص القرآن الكريم، قال تعالى: (وَلاَ تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلاَ السّيّئَةُ ادْفَعْ بِالّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنّهُ وَلِيّ حَمِيمٌ، وَمَا يُلَقّاهَا إِلاّ الّذِينَ صَبَرُواْ وَمَا يُلَقّاهَآ إِلاّ ذُو حَظّ عَظِيمٍ) [سورة: فصلت /34،35]

[*] قال القرطبي رحمه الله تعالى في تفسيره:

قوله تعالى: [ادفع بالتي هي أحسن] قال ابن عباس: أي ادفع بحلمك جهل من يجهل عليك. وعنه أيضاً: هو الرجل يسب الرجل فيقول الآخر إن كنت صادقاً فغفر الله لي، وإن كنت كاذباً فغفر الله لك.

وقوله تعالى: " فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم " أي قريب حديق

قال ابن عباس: أمره الله تعالى في هذا الآية بالصبر عند الغضب، والحلم عند الجهل، والعفو عند الإساءة، فإذا فعل الناس ذلك عصمهم الله من الشيطان، وخضع لهم عدوهم. وروي أن رجلاً شتم قنبراً مولى علي بن أبي طالب فناداه علي يا قنبر! دع شاتمك، واله عنه ترضي الرحمن وتسخط الشيطان، وتعاقب شاتمك، فما عوقب الأحمق بمثل السكوت عنه.

{تنبيه}: إذا قابلت إساءة الإنسان بعفوك وإحسانك لا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك.

(حديث أبي هريرة في صحيح مسلم) أن رجلا قال يا رسول الله إن لي قرابةً أصلهم ويقطعوني وأُحسنُ إليهم ويُسيئون إلي وأحلُمُ عنهم ويجهلون علي فقال - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لئن كنت كما قلت فكأنما تُسِفُّهمُ المَلَّ ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك.

الشاهد من الحديث:

قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[لئن كنت كما قلت فكأنما تُسِفُّهمُ المَلَّ ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك]

ومعنى الملَّ: الرماد الحار

ومعنى [تُسِفُّهمُ المَلَّ]: أي تطعمهم الرماد الحار، والمقصود أنك منصورٌ عليهم وتنقطع حجتهم كما ينقطع كلام من سَفَّ الرماد الحار.

(35) قضاء حوائج الإخوان والشفاعةِ فيها:

ومن أفضل معاشرة الإخوان قضاء حوائج المسلمين والشفاعةِ فيها، وتأمل في الأحاديث الآتية بعين البصيرة

(حديث محمد بن المنكدر في صحيح الجامع) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: من أفضل العمل إدخال السرور على المؤمن تقضي عنه دينا تقضي له حاجة تنفس له كربة.

[*] قال الإمام المناوي رحمه الله تعالى في فيض القدير.

(من أفضل العمل إدخال السرور) أي الفرح

طور بواسطة نورين ميديا © 2015